قصه مقصوصه

(1)

في كل مرة ضمها فيها حلمت ببيتها .. اختارت لون الستائر القرمزية المشتعلة كما

هو .. في كل مرة أغمضت عينيها لتلامس جفونها عنقه .. احتارت هي بإسم مولودهما الأول .. في كل مرة كان معها .. كان ينظر خلف نظارته السوداء الى أخرى .. في إحدى محاولاتها الفاشلة التي لا تنتهي لحبس أنفاسه في داخلها .. وعلى كتفه اختارت أن تتنفسه .. عندما رحل أخيرا ً كانت قد نسيت كيف تتنفس ..

(2)

لم يجمعهما سوى الدم .. هي ابنة عمه التي لا تدرك شيئا ً أبعد من ضفيرتها
التائهة .. وهو الأستاذ الجامعي .. تزوجت منه أملا ً في مكان أجمل من الساقية وذلك المنزل المهترىء والقرية .. وتزوج هو لأن العائلة والضجر المحيط به كان أقوى من كل شيء .. في المساء كانت تلهو مع طفليهما .. وفي عقلها تحتار ماذا ستعد للعشاء .. وهو على حاسوبه يفتح نوافذ شتى أملاً في العثور على أفروديت.. تعرف عن نزار وتقرأ للسيّاب ودرويش .. يكره أن يفتح الباب ليشاهد أحلامه تتحطم مع إمرأة لم يجمع بينهما سوى كذبة وطفلين !!

(3)

صوته وهو يعدها .. سأعود ضل يرافقها في نومها وصحوها .. كانت تحمل الحب إليه
وتزين به طريقا ً كانت متأكدة أنه سيجتازه على حصان أبيض في يوما ما .. كانت تتنفس الزمن سريعا ً وتقلب روزنامة الأيام .. تخبأ النجوم في جيبها .. وتصنع منها هدية عيد ميلاده .. وضعتها في علبة زهرية ولفتها بشرائط ذهبية ونثرت حولها الزهور .. كان تعلم أنه لها وكان نسي ان هناك من في انتظاره .. فقدت الشرائط لونها .. جفت الزهور .. وانطفأ بريق النجوم ومازالت تنتظر .. لم تعرف أبدا َ أنه أودع أحلامه إمرأة أخرى وقرر أن لا يعود ..


(4)
بعد كل ذلك الفراق مازال مقتنعا أنها من تركته .. ورغم كل شيء لم يدرك أنه من
أطلق رصاصة الموت على قصتهما
لم يدرك أنها ما كنت لتتركه لولا أن (الفراق ) كان احتمالا اقترفه دون أن يدرك
هي لم تتركه .. فقط قامت بحرق المراحل .. وتخلت عنه قبل أن يتخلى عنها ..


(5)

كان ثقته بنفسه أكبر من أن يتصور أن في إمكانها الحياة بدونه
كانت كبرياؤها هي آخر من تملك ..
تفاجأ الإثنان ذات صباح .. تفاجأ هو أن في إمكانها الاستيقاظ صباحا وإكمال اليوم بدونه..
وتفاجأت هي أنها كانت سعيدة وحدها ..


(6)

كان يصرخ في المنزل ليلا ً نهارا .. أين العشاء ؟ لماذا تأخرت ؟
ابتعدي عن وجهي يا إمرأة .. اصمت يا ولد لازلت صغيرا َ .. وفي المساء في مكتبه الأنيق كان يكتب عن الحرية والحضارة لجريدة ما ..


(7)

لم ير أحد دموعها عندما جاء الجنود لأخذه بالقوة .. لم تذرف ولا دمعة ..
وفي المساء احتضنت طفلهما والوسادة المبللة ..